سورة هود - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} يمنعون عن دين الله، {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}.
{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ} قال ابن عباس: سابقين. قال قتادة: هاربين. وقال مقاتل: فائتين. {فِي الأرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} يعني أنصارا وأعوانا يحفظونهم من عذابنا، {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} أي: يزاد في عذابهم. قيل: يضاعف العذاب عليهم لإضلالهم الغير واقتداء الأتباع بهم.
{مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} قال قتادة: صم عن سماع الحق فلا يسمعونه، وما كانوا يبصرون الهدى. قال ابن عباس رضي الله عنهما: أخبر الله عز وجل أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا قال: {ما كانوا يستطيعون السمع} وهو طاعته، وفي الآخرة قال: {فلا يستطيعون}، خاشعة أبصارهم.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} غبنوا أنفسهم، {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} يزعمون من شفاعة الملائكة والأصنام.
{لا جَرَمَ} أي: حقا. وقيل: بلى. وقال الفراء: لا محالة، {أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ} يعني: من غيرهم، وإن كان الكل في الخسار.


{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا} قال ابن عباس: خافوا. قال قتادة: أنابوا. وقال مجاهد: اطمأنوا. وقيل: خشعوا. وقوله: {إِلَى رَبِّهِمْ} أي: لربهم. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ} المؤمن والكافر، {كَالأعْمَى وَالأصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا} قال الفراء: لم يقل هل يستوون، لأن الأعمى والأصم في حَيِّز كأنهما واحد؛ لأنهما من وصف الكافر، والبصير والسميع في حيز كأنهما واحد، لأنهما من وصف المؤمن، {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أي تتعظون.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب {أني} بفتح الهمزة أي: بأني، وقرأ الباقون بكسرها، أي: فقال إني، لأن في الإرسال معنى القول: إني لكم نذير مبين.
{أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} أي: مؤلم. قال ابن عباس: بعث نوح عليه السلام بعد أربعين سنة، ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، وكان عمره ألفا وخمسين سنة.
وقال مقاتل: بعث وهو ابن مائة سنة.
وقيل: بعث وهو ابن خمسين سنة.
وقيل: بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة، ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة، فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة، قال الله تعالى: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} [العنكبوت- 14] أي: فلبث فيهم داعيا.


{فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} والملأ هم الأشراف والرؤساء. {وَمَا نَرَاكَ} يا نوح، {إِلا بَشَرًا} آدميا، {مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} سَفَلَتُنا، والرذل: الدُّون من كل شيء والجمع: أَرْذُل، ثم يجمع على أراذل، مثل: كَلْب وأَكْلُب وأَكالب، وقال في سورة الشعراء: {واتبعك الأرذلون} يعني: السفلة. وقال عكرمة: الحاكة والأساكفة، {بَادِيَ الرَّأْيِ} قرأ أبو عمرو {بادئ} بالهمز، أي: أول الرأي، يريدون أنهم اتبعوك في أول الرأي من غير رَوِيَّة وتفكر، ولو تفكروا لم يتبعوك. وقرأ الآخرون بغير همز، أي ظاهر الرأي من قولهم: بدا الشيء: إذا ظهر، معناه: اتبعوك ظاهرا من غير أن يتدبروا ويتفكروا باطنا. قال مجاهد: رأي العين، {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}.
{قَالَ} نوح، {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي: بيان من ربي {وَآتَانِي رَحْمَةً} أي: هدى ومعرفة، {مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} أي: خَفِيَتْ والتبست عليكم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص: {فَعُمِّيَتْ عليكم} بضم العين وتشديد الميم، أي: شُبِّهت ولُبِّست عليكم. {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} أي: أنلزمكم البينة والرحمة، {وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} لا تريدونها. قال قتادة: لو قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يلزموا قومهم الإيمان لألزموهم ولكن لم يقدروا.
قوله: {وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا} أي: على الوحي وتبليغ الرسالة، كناية عن غير مذكور، {إِنْ أَجْرِيَ} ما ثوابي، {إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين، {إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِم} أي: صائرون إلى ربهم في المعاد فيجزي من طردهم، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8